❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
حمزة العطار
كلمة قالها روح الله الموسوي الخميني(قدس) ولا تزال أصداؤها حاضرة فينا ولا نزال نرى البصيرة المنقطعة النظير عند صاحب الكلمة، كما لا تزال مفاعيل هذه الكلمة وآثارها حاضرة دوماً تؤكد صدق الصادق في زمانه، العارف بأميركا حق المعرفة والذي عرف كيف يتعامل معها ولا تزال توجيهاته حاضرة باقية تعطي ثمارها كل يوم .
بدأت الرواية بعيد تصريح أقل ما يوصف بأنه تصريح السياسي الغبي،براك، والذي جعل المبتعدين عن المقاومة أو السائرين في غير ركبها، يلجأون إلى التقرب منها، بغية الحماية مما قد يصير وبهدف التلاحم الذي قدمت أميركا لأجل إلغائه ولأجل بث الفرقة بين اللبنانيين كل ما تستطيع أن تقدمه، ليأتي أحد الدبلوماسيين الفاشلين، يطلق تصريحاً، خدم فيه من حيث لا يدري، ما يمكن أن يحتاج سنين تلاحم ووحدة ورصٍ للصفوف .
الكلام الذي صدر عن المبعوث الأميركي والذي تحدث فيه بأن التحاق لبنان بسوريا طبيعي وفي طور التحقيق، كما اعتبر أن سوريا تعتبر لبنان منتجعاً لها وجب عودته إلى سوريا الطبيعية، وأنه محافظة من محافظات سوريا، ترك الصخب والضجيج لدى الكثير من اللبنانيين العروبيين، من ضمنهم عدد كبير من مناهضي خط المقاومة، جمعتهم نفس اليد التي فرقتهم، فهبوا معلنين الولاء لدولة لبنان ال ١٠٤٥٢ كلم دون أي اجتزاء، فهم اللبنانيون الذي لطالما تفاخروا بلبنانيتهم التي أضاءت رافعة اسم لبنان نحو العُلى، علماً وإبداعاً وثقافة .
لم ننكر يوماً ارتباطنا الوثيق ثقافياً، اجتماعياً ومن مختلف الجوانب عبر التاريخ بسوريا، بلاد الشام، ولم ننكر يوماً أننا جزء من سوريا الطبيعية، وما السلخ الذي حصل إلا عبر اتفاقية سايكس بيكو التي كان من أكبر همومها إزكاء التفرقة بين العرب عموماً وبين ما كان يعرف بسوريا الطبيعية،بلاد الشام، خصوصاً، كما لا يمكن أن نغفل الارتباط الذي تعدى المصاهرة والمجاورة وغير ذلك، وها هي دماء شباب أبطال لبنانيين تروي وروت تراب مناطق مختلفة من سوريا، من القصير إلى الخالدية في حمص والغوطة في ريف دمشق والشرق والبادية وحلب، ولا تزال جثامين أعزاء تعانق تراب سوريا دون أن تعود، فبقيت مفقودة الأثر في معارك العزة والكرامة في الداخل السوري . لا أنسى مشاهد البطولات التي سطرها أبناؤنا في ساحات القصير درءاً لخطر محدق وداهم بسوريا ولبنان ولا تزال كلمات ذلك الشهيد البطل، السيد الأسمى، تطرق أبواب ذاكرتي حينما كان يتحدث ويستفيض عن مخاطر سقوط سوريا إن حدثت والتي ستؤدي إلى خسارة فلسطين وخسارة للقضية .
الذاكرة تكاد تفيض بمشاهد حزن ومشاهد فخر وصوراً عانقت تراب الارض في غير جبهة، لتزهر عز ووحدة وطمأنينة عاشتها سوريا لعقد ونيف، وستعود تلك الأيام قريباً، لم يعد ينقصها سوى بعض الوقت من جهة وكلمات حمقى أمثال الذي حدث مؤخراً .
الكثيرين يعيشون اليوم نشوة انتصار سوري، بعد سقوط النظام السابق، واستيلاء الشرع على مقاليد الحكم، لكن هؤلاء الكثيرين أنفسهم غفلوا أن سوريا العروبة لا تزال باقية، وأن أحفاد سلطان باشا الاطرش ويوسف العظمة والشيخ صالح العلي والاخرين لا يزالون، يحفظون عروبتهم، ويحافظون بل وما بخلوا بتقديم الكثير، حفظاً لوحدة سوريا، سوريا العروبة، سوريا الانفتاح، لا سوريا الطائفية، وهم أعدوا ويعدون وسيبقون، هم وكل الشرفاء لإعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي في المنطقة .
صحيح أن كثيرين ممن كانو لا يؤيدون النظام السابق، نتيجة أسباب واضطهادات لا تتسع المناسبة لذكرها، وهم الذين عانوا كما عانى الكثير من اللبنانيين، من تجبر البعض السوري، الذي على واعتدى وتجبر وظلم، لكنهم أنفسهم يهبون نصرة لحدود طبيعية للكيان السوري، متناسين أي ظلم تعرضوا له، لا يرون الا سوريا العرب الحقيقة فقط، ما بالك وأن السوريين اليوم، ضاقوا ذرعاً من جور يعانونه، تخطى كل ظلم سببه لهم النظام السابق .
لتأتي تصريحات نذير الشؤم التي أطلقها، فتكون نقطة قوة وإلتقاء للسوريين الوطنيين مع اللبنانيين من جهة، وبين اللبنانيين أنفسهم على رغم اختلافاتهم الفكرية والسياسية، من جهة أخرى، وقدمت تلك التصريحات خدمة مميزة لمحور المقاومة، المقاومة في لبنان،تحديداً، تؤكد معها صوابية قرار الاحتفاظ بالسلاح والتمسك به، وتدفع بالكثيرين ممن أبعدتهم الاصطفافات السياسية قبلاً، أن يتيقنوا بأن لا خلاص للبنانيين إلا بالتمسك بوطنيتهم والحفاظ على وحدتهم، متناسين كل الصغائر .
إضافة إلى أنها سببت إحراجاً كبيراً لاولئك السياسيين الذين أخرسهم تصريح براك، لدرجة لا يستطيعون التصريح بأي خطاب اليوم، لأنه سيتناول أولياء نعمتهم، فالصمت اولى لهم رغم ما قد يخسرونه من قواعد شعبية تؤيدهم .
الخلاصة، أن المقاومة أثبتت صوابية قراراتها وخياراتها لجهة التمسك بسلاحها، بل أنها ازدادت يقيناً وازدادت إرادة وعزيمة بالحفاظ على هذا السلاح، لأنه دونه الأرواح والأعراض والأرزاق .
الخبث الأميركي والغربي المستتر، بانَ في فلتات لسان المبعوث الاميركي، الذي قالها، بقصد أو دون قصد، عن نوايا ومساعي وغايات هذا الأميركي، وخلق فرصة إعادة تكاتف بين اللبنانيين، ونسيان كل الاختلافات .
إذن الحقيقة الثابتة والتي تأكدت، أن خيارات الشهيد الأسمى كانت ثابتة وواضحة، وأن شروحاته وتفصيلاته لما يمكن أن يحدث في المنطقة، كانت دقيقة، وأن بصيرته وبصره كان ثاقباً، يعرف القادم ويتنبأ بالمستقبل، والحقيقة الأخرى أن المقاومة، بعديدها وعتادها، كانت قوية ولا زالت وستبقى، وأن التضحيات التي قدمتها في الأشهر الماضية، من قادة وأفراد وبيئة، لم تكن إلا لإعادة تصويب البوصلة بشكلها الأدق، ولإعادة إحياء الفكر الثوري والتحريري الذي ربما قد خفّ ليوم من الأيام، وستثبت الأيام التي لم تعد بالبعيدة بأن هذه المقاومة التي كانت يوماً قوية، ستبقى دوماً بل وتتعاظم قوة وثباتاً واقتدار وأن بوادر الفرج، وبشائر فجر الخير القادم للجميع، لم تعد بعيدة، وبأن النصر القادم ما هو الا صبر ساعة، باتت عقاربها تدق في آذاننا، معلنة اقتراب النصر القريب القادم بإذن الله .
إنهم يرونه بعيداً، ونراه قريباً بإذن الله .
حمزة العطار